يهدف المشروع إلى تحسين وتطوير وضع النساء والفتيات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من خلال القضاء على كافة أشكال العنف والتمييز ضد المرأة، وحماية النساء من العنف، وتقليل الفجوة بين الرجال والنساء. كما ويهدف المشروع إلى إدماج النساء والفتيات في عملية صنع القرار وتمكينهن، وحماية حقهن في الوصول إلى إماكن صنع القرار، من خلال تمثيل عادل في الإنتخابات المحلية، وأن يتم تضمين قضايا النساء، وحقوقهن، ورفع أصواتهم/ن في قرارات السلم والأمن. بالإضافة إلى المساهمة في تعزيز المساءلة عن حقوق النساء والفتيات على الصعيدين المحلي والدولي.
انطلاقاً من وجود حاجة ملحة لرصد وتوثيق الانتهاكات والممارسات التي تتعرض لها النساء والفتيات من قبل الاحتلال، وضرورة استخدامها في أغراض المساءلة والمناصرة الدولية، قامت جمعية تنمية وإعلام المرأة (تام) في عام 2022 بتشكيل فريق يتكون من شباب وشابات ناشطين و ناشطات في الدفاع عن حقوق الإنسان، وتم بناء قدرات الفريق من خلال تدريبهم/ن على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان استناداً إلى أحكام القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني. فأصبح الفريق قادراً على الرصد والتوثيق، وجمع البيانات القائمة على الأدلة والشهادات الحية للنساء اللواتي تعرضن بشكل مباشر، أو غير مباشر لانتهاكات من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وفي هذا الموقع سنشارككم/ن قصص نساء فلسطينيات مع الاحتلال في البلدة القديمة في الخليل، والتي كتبت بالاستناد لشهادات فريق التوثيق الخاص بتام، نستعرض من خلالها بعض أشكال المعاناة اليومية للنساء في هذه المنطقة، خاصة بعد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، والعنف المتصاعد في الضفة الغربية، والذي استغله الاحتلال ومستوطنيه بأسوأ طريقة لزيادة الخناق على أهالي المنطقة، وزيادة معاناة النساء هناك.

ناشطة حقوقية
يعاني الفلسطينيون بشكل عام، والنساء بشكل خاص من الإذلال، والتجريد من الإنسانية، والتمييز، والهيمنة، والعنف، كجزء من الحياة اليومية في ظل الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. حيث تتعرض النساء الفلسطينيات إلى الاستهداف المباشر، واستخدام القوة المميتة من قبل الجيش الإسرائيلي، والمستوطنين إما في منازلهن أو على الحواجز أثناء تنقلهن بين المدن والقرى. كما أنهن يتعرضن للاعتقال في أسوأ ظروف دون مراعاة لجنسهن واحتياجاتهن، بالإضافة إلى سياسة هدم المنازل والتشتيت القسري للعائلات، والمداهمات الليلية وما يتخللها من انتهاك للخصوصية، وعرقلة الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، والتعليم، والبنية التحتية.
تفاقمت معاناة النساء في الضفة الغربية بعد العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر، حيث أطلقت إسرائيل موجة وحشية غير مسبوقة من العنف ضد الفلسطينيين، وشددت هيمنتها على حياتهم/ن، واتخذت ضدهم/ن تدابير العقاب الجماعي، وفرضت عليهم/ن حواجز مادية على مداخل القرى والمدن من خلال زيادة عدد الحواجز العسكرية، ووضع الكتل الإسمنتية والبوابات الحديدية، والأسلاك الشائكة مما أدى تقييد حرية الحركة، وفصل المدن والقرى عن بعضها البعض، وعزل السكان الفلسطينيين في منازلهم.
فبالإضافة إلى الحواجز والإغلاقات، تتعرض النساء لانتهاكات أخرى عديدة من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين مثل: الحرمان من الوصول إلى أماكن العمل، والأراضي الزراعية، والاقتحامات الليلية اليومية وانتهاك الخصوصية، وتدمير البنية التحتية، والقتل العمد، والاعتداء بالضرب، وتخريب الممتلكات، ومصادرة الأراضي، والتهجير القسري، والحرمان من الوصول إلى الموارد الطبيعية، والحرمان من الوصول إلى الخدمات الأساسية. كما تتعرض النساء إلى حملات الاعتقال التعسفي، والتعذيب الشديد، والتفتيش العاري، والعنف الجنسي، والحرمان من الفوط الصحية، والطعام، والدواء، والحرمان من زيارات المحاميين وأفراد الأسرة.
في اعقاب اتفاق الخليل، الذي تم التوقيع عليه في كانون ثاني عام 1997، تم تقسيم المدينة الى منطقتين: منطقة H1 والتي تشكل 80% من المساحة الكلية لمدينة الخليل ويسكن فيها حوالي 115,000 فلسطيني، وضع هذا القسم تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة. ومنطقة H2، ويسكن فيها حوالي 35,000 فلسطيني وحوالي 700 مستوطن اسرائيلي، بقيت هذه المنطقة تحت السيطرة الأمنية الاسرائيلية بينما نقلت الصلاحيات المدنية للسلطة الفلسطينية.
تعتبر منطقة H2 واحدة من أكثر المناطق تقييداً في الضفة الغربية، وتحتوي على أكثر من 100 حاجز مادي يقوض الحق في حرية التنقل والحركة، بما في ذلك جدار الفصل العنصري، والمستوطنات، ونقاط التفتيش. وتترجم سيطرة إسرائيل على منطقة H2 إلى سياسات تمييزية تنتهك “بروتوكول الخليل”، وخاصة المادة (8) التي تلزم الطرفين بالحفاظ على “حياة طبيعية في جميع أنحاء مدينة الخليل” ويعاني أهالي البلدة بسبب هذه الاختراقات ظروفاً قاسية جداً، بالاضافة لسعي الاحتلال لعزلهم اجتماعياً واقصائهم اقتصادياً عن باقي المحافظة والوطن بشكل عام. وساهمت السيادة المحدودة للسلطة الفلسطينية على الضفة الغربية طبقاً لاتفاقية أوسلو عام 1995، وخاصة في منطقة H2 في تعزيز تعرض المرأة للعنف المتصل بالاحتلال.
ومنذ العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر، يخضع السكان الفلسطينيين في البلدة القديمة لواحدة من أقسى عمليات الإغلاق المفروضة على منطقة H2 منذ عقدين، ولا يسمح لهم بمغادرة منازلهم إلا في ساعة محددة في الصباح وساعة في المساء أيام الأحد والثلاثاء والخميس، ومن يتأخر عن هذه الساعة يضطر للمبيت خارج البلدة . بينما يسمح لحوالي للمستوطنين بالتحرك بحرية.
تواجه النساء في منطقة H2 في الخليل تحديات كبيرة بسبب الاحتلال الإسرائيلي وممارساته التي تخلق ظروفاً سياسية، واقتصادية، واجتماعية صعبة، تؤثر على حياتهن بشكل مباشر أو غير مباشر. ومن أهم هذه التحديات: تقييد حرية الحركة والتنقل، فتحرم النساء من الوصول إلى الخدمات الصحية، والتعليم، وعدم الشعور بالأمان بسبب الاعتداءات، والتهديدات المستمرة من قبل المستوطنين والجيش الإسرائيلي، والبطالة وضعف الفرص الاقتصادية، والقمع والاعتقالات.
ومنذ العدوان الاسرائلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر، تعاني النساء والفتيات في منطقة H2أشكالاً مختلفة من العنف المنهجي على نطاق واسع مع غياب شعورهن بالأمان، فهن يعشن وسط دوامة من المخاوف المتفاقمة، المتعلقة بسلامتهن، والخوف من تعرضهن للإهانة أو الإذلال، والمخاوف المتعلقة بسلامة عائلاتهن وبناتهن وأبنائهن، وتلك المرتبطة بهواجس مهاجمة المستوطنين لمنازلهن ليلاً برفقة الجنود، وما قد ينجم عن هذا الهجوم من ضرر وأذى على كافة أفراد العائلة، والإفلات التام من العقاب.
وبناءً على الإفادات والشهادات الحية التي جمعتها مجموعتنا الشبابية في منطقة H2 ، تتعرض النساء الفلسطينيات للإذلال وتنتقص كرامتهن عند نقاط التفتيش، فكثير من النساء اضطررن للسير رغم معاناتهن الصحية، وساومهن جنود الاحتلال في مرات عديدة أيضا على السماح لهن بالعبور بعد خلع غطاء الرأس أو الخضوع لتفتيش مهين ومحرج. وعادة ما تتراجع النساء عن الإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية من قبل الجنود الإسرائيليين لأنهن يخشين على سمعتهن. مما يترك آثار نفسية قاسية جدا خاصة على الفتيات اللواتي يعشن مرحلة عمرية حساسة في سن المراهقة.
إن القانون الدولي الإنساني يضع على عاتق سلطات الاحتلال مجموعة من الواجبات والإلتزامات على الإقليم المحتل الذي يقع تحت سلطته، وواجبات سلطة الاحتلال محددة بشكل أساسي في لائحة لاهاي لعام 1907 وإتفاقية جنيف الرابعة. ومن ضمن هذه الالتزامات:
إضافة الى أحكام القانون الدولي الإنساني تلتزم سلطات الاحتلال بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو جملة الإتفاقيات الحقوقية التي صدقت عليها دولة الاحتلال ضمن منظومة الأمم المتحدة، والتي تلتزم بها تجاه مواطنيها، يجب أن تلتزم بها تجاه مواطني الأراضي المحتلة أيضاً، وفيما يلي أهم هذه الاتفاقيات:
قرار صدر عن مجلس الأمن بالإجماع في جلسته رقم (4213) بتاريخ 31/10/2000، بهدف توفير الحماية للنساء في النزاعات، وتعزيز دور المرأة في حفظ السلم والأمن، وصنع القرارات المتعلقة بمنع نشوب النزاعات وحلها.
يشدد هذا القرار الصادر عن مجلس الأمن على مشاركة المرأة المتكافئة والكاملة كعنصر فاعل في منع نشوب النزاعات وإيجاد حل لها، وفي بناء وحفظ السلام ويؤكد الحاجة للتطبيق الكامل للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان اللذين يحميان حقوق المرأة والفتاة قبل وأثناء النزاعات المسلحة وبعدها، ويطلب من الدول الأعضاء أن تكفل مساهمة متكافئة ومشاركة كاملة للمرأة في جميع الجهود الرامية إلى صون السلام والأمن وتعزيزها ويحث جميع الأطراف، بما يشمل دولة فلسطين على تعزيز مكانة ومشاركة المرأة وإدماج المنظور الجنساني في جميع مجالات بناء السلام.
وفي سبيل وقوف الجهات القانونية والمؤسسات الحقوقية عند مسؤولياتها، ومن أجل تخفيف معاناة النساء في ظل وجود الاحتلال الاسرائيلي فقد شاركن النساء فريق تام بجملة توصيات هامة على عدة مستويات:
تأسسـت جمعيـة تنميـة وإعـالم المـرأة «تـام» فـي شـهر أيلـول عـام 2003 علـى أيـدي مجموعــة مــن النســاء الإعلاميات والناشــطات فــي العمــل المجتمعــي وتــم تســجيلها فــي شـباط عـام 2004 بموجـب قانـون الجمعيـات الخيريـة والهيئـات األهليـة رقـم (1) لسـنة 2000.
انطلقــت فكــرة تأســيس (تــام) مــن مجموعــة مــن النســاء الإعلاميات اللواتــي شــعرن أن هنــاك نقــص شــديد فــي البرامــج والمــواد الإعلامية الخاصــة بالقضايــا الاجتماعية والنســوية فــي فلســطين، ولإيمانهن الشــديد بأهميــة الإعلام كأداة أساســية مــن أدوات تنميـة المجتمـع وتمكيـن النسـاء واسـتخدام الإعلام كوسـيلة للتطويـر ونشـر مفاهيـم النـوع الاجتماعي، قمـن بتأسـيس الجمعيـة فـي شـهر أيلـول مـن عـام 2003 ومقرهـا الرئيسـي فــي مدينــة بيــت لحــم، ونطــاق عملهــا فــي فلســطين. ينطلـق عمـل جمعيـة (تام) مـن مبـادئ حقـوق الإنسان، والنـوع الاجتماعي، والديمقراطيـة والعدالـة، واللاعنف، والحـوار، ومناهضـة كافـة أشـكال التمييـز، وحمايـة الحريـات الجسـدية والمعنويـة، والمشـاركة الفعليـة والفاعلـة والإبداع.
كُنت أعتقد أن تلقي الرعاية الصحية وقت الحاجة هو شيء بديهي ومن أبسط حقوقنا، لكن إذا كُنت من سكان تل رميدة في الخليل هاي البديهيات بتصير أشبه بالعقاب وتتحول لرحلة شاقَّة مليئة بالإذلال.
كانت الساعة السابعة صباحا عندما بدأت بالاستعداد لإعطاء حصصي الدراسية، بعد تحويل الدوام إلكترونيا بسبب الحرب على قطاع غزة، والإغلاقات التي فُرِضت على الخليل، وسَقطت على قدمي، ومن فرط الألم ظننت أنها كُسرت، وسارع زوجي بالاتصال بالإسعاف التي يمنع دخولها إلى منطقة تل رميدة حيث أسكن إلا بتنسيق مع الإدارة المدنية لمنطقة الخليل، ومع ذلك تم منعها من الوصول بحجة فرض منع التجول على المنطقة.
ومع تفاقم شعوري بالألم والعجز سارعت بالتواصل مع أحد الأطباء في المستشفى الأهلي لتشخيص الحالة باستخدام تقنية اتصال الفيديو، ليطلب مني التوجه بأسرع وقتا ممكنا للمستشفى، ولكن الإسعاف الذي انتظر مدة ساعتين على حاجز 107 القريب من منزلي لم يُسمح له بالمرور، ولم يَعد أمامي خيار آخر سوى الانتظار وتحمُل الألم حتى الصباح.
“كانت أطول وأبشع ليلة في حياتي” في اليوم التالي وما أن دقت ساعة السابعة والنصف صباحا حتى سارعت بالمشي على قدمي المصابة وسط شعوري بالألم المتزايد لتجاوز الحاجز الذي كان يُفتح لمدة ساعة واحدة فقط في الثامنة صباحا وفي السابعة مساء.
رَفَض جنود الاحتلال السماح لي بالعبور بالبداية، وبعد انتظار ومحاولات إقناع عديدة وبعد رؤيتهم لقدمي المصابة سمحوا لي بالعبور، في المستشفى تبين إصابتي بكسر والتواء في كاحل القدم، وفاقم التأخر في تلقي العلاج من الوضع الصحي لها، وكانت أول التعليمات لمنع ازدياد الوضع سوءا هي عدم السير عليها بشكل نهائي لمدة من الزمن.
كنت أتمنى لو أن بإمكاني الالتزام بهذه التعليمات، لكنها بقيت مجرد أمنية، فما أن وصلت الحاجز طلبا العودة للمنزل، حتى تفنن جنود الاحتلال في إذلالي، ولم تَشفع لي إصابتي هذه المرة أيضا، فأجبروني على اجتياز ماكينة التفتيش بعد خَلع حذائي من قَدمي المُصابة وسط شعور قاسي جدا بالألم، واستهزاء وضحك الجنود على معاناتي بشكل مستفز، وفي ظل مَنع وصول السيارات أو عملها في تلك المنطقة، اضطررت مرة أخرى للسير على قدمي وصولا للمنزل، لأنهي رحلة شاقة وقاسية ومليئة بالتحديات والإذلال، متسائلة “ليش حتى أبسط الأشياء إلى مفروض تكون عادية في حياتنا بحولها الاحتلال لرحلة عذاب ومشقة“.
أرسل قصتك من خلال تعبئة النموذج المرفق
ملاحظة: كافة المعلومات المرسلة تحظى بالسرية التامة من حيث المعلومة والمصدر ولا يتم نشرها إلا بالرجوع الى صاحبها بشكل رسمي
في الوقت إلي كُنت بَفكر فيه بِتوتر وخوف بمرحلة التوجيهي، ووسط خُوفنا وحزننا على ما يعايشه أهل غزة، وفي الأسبوع الثاني من الحرب عليها، طَلب مني شقيقي الصغير مرافقته لشراء الخبز قبل إغلاق الحاجز المُقام على مدخل منطقة تل رميدة في الخليل الذي يَفتح لمدة ساعة فقط في السابعة مساء، وما أن وصلنا الحاجز حتى سَمح جنود الاحتلال لشقيقي بالمرور، وأوقفوني لتبدأ أقسى تجربة عشتها في حياتي، طلبوا مني خلع حجابي وملابسي بحجة التفتيش تحت تهديد السلاح، وبعد إصراري على رفض خلع ملابسي بشكل مطلق ولو حتى بشكل جزئي، أجبرني أحد الجنود على خلع جزء من حجابي قبل أن يُفَتشوني مرتين بطريقة مُهينة، وبعد أن حاول رجال وشباب الحي التدّخل لتخليصي وقوبلوا بالتهديد بإطلاق النار، سمحوا لي بالعبور.
ونَجَحت بِرفقة شقيقي في العودة للمنزل قبل إغلاق الحاجز، لكني بعد هذه التجربة القاسية قررت عدم الذهاب للمدرسة وعدم استكمال دراستي رغم أني في الثانوية العامة، ولكني أخاف من مُعايشة نفس التجربة أثناء مروري اليومي خلال الحاجز الذي بات يخنق أحلامنا ويحجر على مُستقبلنا ويبقينا أسرى لمجموعة مَخاوف وقَلق حتى ونحن في منازلنا.
أرسل قصتك من خلال تعبئة النموذج المرفق
ملاحظة: كافة المعلومات المرسلة تحظى بالسرية التامة من حيث المعلومة والمصدر ولا يتم نشرها إلا بالرجوع الى صاحبها بشكل رسمي
لا يُمكن أن يُمْحى هذا التاريخ من ذاكرتي أذكره تماما كان يوم الخميس 12/10/2023 بَعد بِضعة أيام من بداية الحَرب على غزة، كُنت في زيارة لبيت أهلي الموجود بحارة جابر وتحديدا بالقرب من الحرم الإبراهيمي، وهذه المنطقة بالوضع العادي تكون مَنطقة عَسكرية مغلقة، فتخيلوا الوضع مع الحرَب، كُنت حاملا بِطفلي الأول وبالشهر الثالث، وفجأة شَعرت بألم مفاجئ وقوي، وبعض النزيف، اعتقدت بالبداية أن الأمر بسيط، ولكن ما أن اشتد الأمر حتى هَمَمْت برفقة أهلي التوجه للمستشفى، وكان جَيش الاحتلال يقفون بجانب المنزل تماما، كَوْن منزل أهلي مشرفا على الشارع الرئيسي ويمر المستوطنون باستمرار منه ويُمارسون عَربدتهم على الفلسطينيين هناك، وفور مُحاولتنا الخروج من الباب، حتى بدأ جنود الاحتلال بالصراخ علينا ومَنعنا من التّحىرك، وكُلما مر الوقت وزادت وتيرة الصراخ، زاد خوفي وشُعوري بالألم والخوف والارتباك، وزاد معهم النزيف، “كانت أصعب لحظة بحياتي، حسيت روحي عم تطلع مني” ودَخلت في نوبة صُراخ هستيري متوسلة لجنود الاحتلال بالسّماح لنا بالمُرور، “كان استصراخا لضمائرهم إن بقي، أملا في أنقاض جنيني” ولكن هذا أيضا لم يجد نفعا، ففي كل مرة كانوا يهددوننا بالضّرب ويَرفعون السّلاح في وجهنا، حتى خَسِرت جَنيني، شُعور بالعَجز وقِلة الحِيلة والأسى لا يمكن وصفه، فَمِن غير المعقول أن أخسر طفلي فقط لأن جنود الاحتلال رَفضوا السماح لسيارة الإسعاف التي تقف على بعد بضعة أمتار مني بالمرور إلا بعد ساعتين من الانتظار، بعد أن فات الأوان وخَسرت طِفلي نهائيا، بِتُّ اليوم أخاف كثيرا من الذهاب لمنزل أهلي، فقد نَجحوا بتحويل المكان الأقرب لقلبي، لمكان يذكرني بأصعب موقفا عايشته بحياتي، فأنا في كل مرة أذهب فيها هُناك أتذكر أني فَقدت هُنا قطعة مني، وهُنا كانت حواجز الاحتلال سببا في وفاة جنيني.
أرسل قصتك من خلال تعبئة النموذج المرفق
ملاحظة: كافة المعلومات المرسلة تحظى بالسرية التامة من حيث المعلومة والمصدر ولا يتم نشرها إلا بالرجوع الى صاحبها بشكل رسمي
يرجى تعبئة النموذج ادناه للمشاركة في حملة معًا نَنهَض